خاص – ربا حبوش
مثلما اعتقد نظام الأسد المجرم وبسبب عنجهيته واستعلائه أن السوريين لن يجرأوا على الخروج ضده في ٢٠١١ وانطلقت الثورة السورية خلافا لتوقعاته وبعد كل جرائم الحرب التي قام بها بحقهم ظل مستمرا بتوهماته معتقدا أنه انتصر حتى لو كان هذا الانتصار الوهمي على جماجم الشعب ودمائهم وأن من بقي منهم في المناطق التي يحتلها أصبحوا مجتمعا متجانسا وأنهم استسلموا للأمر الواقع فجاء الرد من السوريين والسوريات مرة أخرى من السويداء ودرعا ليهتفوا بإسقاطه رغم القبضة الأمنية.
كذلك قيادة المعارضة الأبدية العتيدة تسير على نفس النهج وتظن حين تحكمها بمفاصل كل المؤسسات فإنها استطاعت تدجين أعضاء الائتلاف وكسر إرداتهم وعلى ما يبدو أن السادة المتحكمين بسبب زيادة حالة الكبر والاستعلاء التي وصلوا لها نسوا أن معظم الأعضاء خرجوا منذ بداية ثورة الحرية والكرامة ولن يقبلوا بممارسات النظام تحت مسمى الثورة.
معاذ الله أن أكون أشبه قيادتنا بالنظام أو أجرح مشاعر أحدهم لكني استنهض ضمائرهم وروح الثورة فيهم ولا بأس من بعض العواطف لأنها تذكرنا بإنسانيتنا والبشر يضعفون أحيانا أمام هول المصيبة وقلة الحيلة وبعض المصالح الضيقة.
في ظل ما يحدث الأن تعود بي الذاكرة الى وقت قريب حين هاجمني بعض أعضاء الائتلاف على مجموعة الهيئة العامة لخروجي للإعلام والحديث عن التفويضات وبعدها جاء ما يشبه محاولة مساءلتي في الهيئة السياسية حقيقة لم افاجأ فهذا متوقع خاصة من المسيطرين على قرار “المؤسسة” والمكممين لأفواه المنتقدين لكني حينها تذكرت عندما تم نشر رسم كريكاتوري يستهدفني شخصيا وأخلاقيا أن مؤسستي “الثورية” أخذت وضعية المزهرية ولم أر الحمية تضرب رؤوسهم ولم يقوموا بأي فعل أو كلمة تضامنا معي حتى لو برسالة داخلية بل رأيت نظرات شامتة طبعا باستثناء زملاء وهم قلة اتصلوا بي وأرسلوا الرسائل تضامنا معي.
لكن وبفضل الله ولأن ثوار سوريا الحقيقين نساء و رجالا يمتلكون وعيا أخلاقيا وفكريا كبيرا أكثر مما يوجد “بمؤسستنا” بأضعاف مضاعفة أطلقوا حملة تضامنية كبيرة معي رغم موقفهم السلبي المحق من الائتلاف.
ومرة أخرى وعلى نفس الأسلوب المتعالي ولأن بعض القادة المتحكمين يعتبرون مؤسسات المعارضة الرسمية شركة خاصة لهم يتم تشكيل لجنة تحقيق غير قانونية وبرئاسة قاضي فرد عسكري للتحقيق بتهديد طال أعضاء الائتلاف قبل ما يسمى “الانتخابات” الأخيرة ولم يبق إلا أن نخضع لمحاكمة ميدانية وتطلقون النار على رؤوسنا لأنها فكرت بمخالفة القيادة المبجلة ولتكتمل الصورة فإن كل أعضاء اللجنة موظفون عند طرف من أطراف المشكلة المحقق بها.
طبعا كل الايميلات والاعتراضات التي نرسلها لا يرد عليها القادة المتحكمون المستولون على كل المواقع وينظرون لنا باستعلاء وفوقية من برجهم العاجي.
والشيء بالشيء يذكر عندما كان يقوم رئيس الحالي للجنة الدستورية والائتلاف بتقديم ما يسميه إحاطة عن جولات اللجنة في جنيف يمضي ساعة وأكثر يحدثنا عن تفاصيل اللقاء بوفد النظام ونظرات العيون بينهم ويشرح لنا ويستفيض كيف سلموا عليهم وتبادلوا الابتسامات وكيف يحاولون استمالتهم وكيف يتحدثون خلسة أحيانا أعزكم الله في الحمام خوفا من أعين العسس وكيف أن معظم وفد النظام مغلوبون على أمرهم ووصل الموضوع إلى التعاطف مع بعض القصص التي روتها إحدى عضوات وفد النظام وكيف وقف لها أعضاء من وفدنا وصفقوا لها بحرارة وبإمكانكم مراجعة “محاضر الجلسات” إن وجدت والسؤال عن هذه القصص لتتأكدو طبعا هذه الاحاطات والاستخفاف بعقولنا لتمييع الحقيقة كانت تجعلني أشعر أنني أحضر فيلم رومنسي هندي.
وبالتأكيد إن هذا التعامل بمودة و”جنتلة” لا ينطبق على زملاء السيد الرئيس ورفاق النضال بل العكس تماما فيوم ما يسمى ” الانتخابات” وقبيل ساعات من أن ينصبه القادة المتحكمون رئيسا كنت جالسة مع بعض الأعضاء في إحدى غرف الائتلاف فجاء هو بجلالة قدره ووقفنا لمصافحته كما تجري العادة مع الجميع فقام بمصافحتهم جميعهم والتسيلم عليهم وكنت مددت يدي فأدار ظهره لي ولم يرد السلام.
فقط لأني انتقدته وانتقدت طريقته بالاستحواذ على خمس مناصب فلكم أن تتصورا كيف هو مفهوم الديمقراطية والاحترام في مؤسساتنا مع هكذا قادة فلا يمكن بالنسبة لهم ان نحترم بعضنا وفي ذات الوقت ذاته ننتقد أخطاءنا.
بكل الأحوال سأختم لكم بهذه القصة التي تشبه الحال الذي وصلنا إليه:
يحكى أنه في أحد الحروب دخل جنود قرية واغتصبوا كل نسائها إلا واحدة من النساء قاومت الجندي وقتلته وقطعت رأسه!
وبعد ان أنهى الجنود مهمتهم ورجعوا لثكناتهم ومعسكراتهم، خرجت كل النساء من بيوتهن يلملمن ملابسهن الممزقة ويبكين بحرقة إلا هي!
خرجت من بيتها وجاءت حاملة رأس الجندي بين يديها وكل نظراتها عزة نفسٍ وقالت: هل كنتم تظنون أتركه يغتصبني دون ان أقتله أو يقتلني!!
فنظرت نساء القرية لبعضهن البعض وقررن أنه يجب قتلها حتى لا تتعالى عليهن بشرفها ولكي لا يسألهن أزواجهن عندما يعودون لم لـم تقاوموا مثلها!
فهجموا عليها على حين غفلة وقتلوها».
(قتلوا الشرف ليحيا العار )…
وهكذا هو الائتلاف اليوم يقصي ويحارب ويخون كل من يكشف أفعال القادة الخمسة المتحكمين واستيلاءهم على القرار الذين يشكلون محاكم تفتيش لنا بسبب كلمة أصبحت واقعا نعيشه.