يبقينا القادة المتحكمون بمؤسسات المعارضة الرسمية في حالة مستمرة من الحماس والترقب بانتظار المزيد من ممارساتهم الاستعلائية الاقصائية للجميع حتى للدائرة المقربة منهم.
فبعد أن شكلوا من أنفسهم الوفد الذاهب للجمعية العامة بصمت تام على مبدأ “زيتنا بدقيقنا” وذهبوا، قلنا حينها لا مشكلة ليس مهماً من يذهب المهم “النتائج والإنجازات”.
لتأتينا الصدمة الأولى بمعظم اللقاءات على صعيد عددها ومستواها وأهميتها.
وكأننا نتفاجئ كل عام بموعد الجمعية العامة للأمم المتحدة فلا نقوم بتحضير مسبق ولا نجري أي ترتيبات لازمة علماً أنه لدينا مكتبين للعلاقات الخارجية، أولهما في الائتلاف ويرأسه أحد القادة منذ 7 سنوات، والمفروض أصبح لديه خبرة بالاجراءات والعلاقات الدولية أكثر من وزير خارجية، والثاني مكتب العلاقات الخارجية في هيئة التفاوض حيث ما زال رئيس هيئة التفاوض يحتفظ به منذ تأسيسه.
أما الصدمة الثانية جاءت من خلال عدم وجود سيدة من الأجسام السياسية الرسمية ضمن الوفد.
ففي الوقت الذي ذهب فيه مجرم الحرب بشار للصين بصحبة شريكته في الإجرام والقتل أسماء وقدموا أنفسهم للعالم بصورة مدنية شبابية حضارية خادعة كاذبة، ذهب قادة المعارضة للقاءات الدولية دون أي تمثيل لسيدات سورية العظيمات المناضلات اللائي قدمن تضحيات هائلة خلال سنين الثورة من أجل الحرية والديمقراطية.
مخجل حقاً أن يذهب قادة المعارضة للقاء الأمين العام للأمم المتحدة دون سيدة تمثل السيدات السوريات، أما الذين يقولون أن وجود سيدة ليس مهماً وليس أولوية أقول لهم بل هو أمر أساسي ولا استغناء عنه، فهل يعقل أن نلغي أكثر من نصف المجتمع السوري!؟ هل نستثني النساء السوريات من المشاركة بصياغة مستقبل بلادهن؟!
ولأن الموضوع ليس شخصياً فلن أتحدث عن كم التنمر والإقصاء والفوقية الذي مورس على معظم السيدات السوريات إن لم يكن كلهن الموجودات في الأجسام السياسية.
طبعاً القادة المتحكمون يتحدثون في لقاءاتهم الدولية ويقولون كلاماً معسولاً عن دعم النساء وأهمية ومشاركة المرأة في العملية السياسية، لكن هذا الإدعاء وفق قناعاتهم لا يتجاوز أن تكون السيدة تابعة لهم، لا قرار لديها، ولا رأي لها، باختصار هي قطعة زينة لا أكثر.
وما زاد الطين بلة هي الصورة الجماعية للوفد مع السيد غوتيريش، حتى في هذه الأمور البديهية البسيطة تفشل المعارضة بتقديم نفسها بصورة حضارية ديمقراطية ولو بالحد الأدنى.
ما أثار حفيظتي أن زميلاتي اللواتي يقدمن أنفسهن كنسويات وداعمات للمشاركة السياسية للمرأة وصنع القرار لم يعلقن على الموضوع حتى في مجموعات التواصل الاجتماعي الداخلية ولو باجتجاج صغير والخوف كل الخوف أن يكون هناك من ضغط عليهن ومنعهن من الكلام بهذا الموضوع.
أما الصدمة الأخيرة أن أعضاء وفد نيويورك لا يوجد بينهم عضو من الفئة الشابة هذه الفئة المهمشة منذ بداية الثورة رغم أن المظاهرات والحراك المدني وحتى العسكري قام بحناجر وسواعد وبطولات فئة الشباب ومن المفروض أن ندعمها ونجهزها ليكونوا صناع القرار في سوريا الديمقراطية التعددية مستقبلاً.
علماً أن القادة المتحكمين أطال الله في أعمارهم أصغرهم يبلغ 55 عاماً، طبعاً هذا لا يعني أننا لا نريد وجود الزملاء الأكبر سناً على العكس بل نحن بحاجة لحكمتهم ومعلوماتهم وتجاربهم لنستفيد منها لكن دون إغفال الفئة الشابة وأهمية مشاركتها.
أخيراً، إن الطريقة التي تدار بها مؤسسات المعارضة العظيمة من قبل مجموعة متحكمة بكل المفاصل والمواقع ستبقى تقودنا من مشكلة إلى مشكلة وتؤدي إلى مزيد من الضعف وتوسع الهوة بيننا وبين أهلنا، وقد لا يجد القادة المتحكمون مشكلة في ذلك طالما هم موجودون على مقاعدهم، بينما السوريون والسوريات يرفعون أصواتهم ألماً ومعاناة وشكوى إلى الله…